1.
"الوجه الآخر" قراءة لثقافة الموتى التي تحولت إلى ثقافة "للأحياء" التي تجسدها وتعبر عنها أحسن تعبير مدونات السيرة الأدبية الإسلامية: كتاب محمد وأحاديثه وهراء كتب التفسير والفقه والكلام وغيرها من كتب الموتى وأنصاف الموتى الأحياء من أجل الكشف عن الوجه المستتر فيها:
أيديولوجيا الهيمنة المقيتة وروح الثأر والكراهية للآخر التي تستند إليها الثقافة الطائفية السنية والشيعية.
2.
تتميز المدونات الإسلامية القديمة و"الحديثة!" بأنها تقول كل شيء حيث تصل الثرثرة إلى حد السيلان أو الفيضان - لا فرق، لكنها تتستر على حقائق التأريخ والأحداث والشخصيات.
ولهذا علينا الوصول إلى المسكوت عنه وما تسعى إلى التستر عليه.
3.
ولا يمكن تحقيق مثل هذه الأهداف دون وسائل النقد الأدبي والتاريخي والفكري العميق والجذري من غير التوقف عند نقطة ما والتعلل بمبررات واهية من قبيل "احترام العقائد".
العقيدة الإسلامية في اللحظة الراهنة [وهكذا كانت دائماً] بصورة علنية أو مستترة، بنوع من التساهل أو الوقوع في أحضانها، هي عقيدة سلطة الدولة التي لم تحترم يوماً عقيدة الآخرين المختلفين أو حتى انتماءاتهم الإثنية وإن كان مسلمين - إنهم الموالي الذين لاقيمة لهم إلا أن يكونوا جزءاً من التنظيم القبلي الإسلامي.
4.
ولهذا فإن احترام عقيدة السلطة السياسية لا يعني غير التساهل مع ذات السلطة.
وليس ثمة دليل أكبر من دعم سلطات الكهنوت الإسلامية للدولة التي تعتاش عليها - والعكس صحيح تماماً وهو تحول سلطة مراكز الكهنوت الإسلامي السني والشيعي في المجتمعات العربية وكأنها دولة داخل دولة. وفي حالة الدول العربية فإنَّ مراكز الكهنوت هذه هي التي تمثل "الدولة العميقة"، الدولة المستترة وراء شعارات التقوى والإيمان.
5.
إنَّ هذا الاندماج ما بين الدين والدولة ليست حالة طارئة أو استثنائية.
فقد أرسى العباسيون ومنذ اللحظة الأولى في سيطرتهم على الخلافة نظام خلافة دينية [أما الأمويون فقد كان جل اهتمامهم خلافة وراثية وقد وضعت بدايات الإسلام العملية].
فالخليفة، الذي كان ظل الله على الأرض، كان بمنزلة الإمام وكانت "مؤسسات الدولة" دينية غالباً ما يشرف عليها "شيوخ الدين". ولهذا فقد كان الخليفة ينفذ وظيفة دينية في قيادة الأمة واكتسب نوعاً من التقديس على هذا الأساس.
6.
وهذا ما حدث مع "الدولة العربية" منذ نشأتها في بداية القرن العشرين. فقد تأسست وتطورت رافعة لواء الإسلام [جميع الدساتير العربية المهلهلة تبدأ بصورة أو أخرى بـ"مادة" كون الإسلام دين الدولة] مندمجة فيه، مستندة إليه، ومعتمدة على دعم اللاهوت العلني أو المستتر [الكهنوت الإسلامي والحركات الإسلامية المرتبطة به لا تعادي الدولة - إن كانت تعاديها - لأسباب دينية، بل لأنَّ الدولة متمثلة بالأحزاب والعوائل الحاكمة لا تريد الخضوع تماماً للسلطة الدينية].
خلاصة:
إنْ صحَّ إنَّ نقد الدولة العربية لا يمكن من غير نقد الإسلام - فإنَّ نقد الإسلام لا يمكن من غير نقد الدولة العربية باعتبارها الحاضنة والداعمة والراعية له.
Almasudy